ورشة "التوليف والارتجال المسرحي" تنهي فعالياتها في الشارع
تتواصل في الشارقة حاليا ورشة للتوليف والارتجال المسرحي التي تنظمها إدارة المسرح بدائرة الثقافة والإعلام بالشارقة ويشرف عليها المخرج المسرحي السوداني الرشيد أحمد عيسى.
وتهدف الورشة التي يشارك فيها ثلاثون ممثلا وممثلة وتستمر حتى السابع والعشرين من الشهر الجاري، إلى تمكين الممثلين من كيفية توليف ذروات الحياة اليومية وتحويلها لعمل مسرحي ولكي يستطيعوا العمل في “مسرح الشارع” او “مسرح في الهواء الطلق”.
“الاتحاد” زارت الورشة التي تنفذ في دار الندوة وساحة الخط بمنطقة الشارقة القديمة، والتقت بالمشاركين حيث قالت الممثلة المسرحية القديرة مريم سلطان “إن حاجة الممثل المسرحي للتوليف والارتجال توازي حاجاته الأخرى كالرياضة البدنية والذهنية التي تعينه على تطوير أدواته الداخلية والخارجية التي عليه أن يقوم بصقلها دائما” وأضافت “لقد اشتركت في ورشة مماثلة قبل خمس وعشرين سنة مع المخرج التونسي المنصف السويسي سنة 1982 لكنها استمرت لستة أشهر” مؤكدة أن “على الممثلين الشباب الاستفادة من هذه الورشات التي يتعلمون من خلالها الرد على سؤال من نوع: ما المسرح؟ وما الذي يجري فيه سواء على الخشبة أم خلف الكواليس؟ فهل أنت تحفظ ملفوظ الممثل لتقوله ثم “خَلَص، مع السلامة؟” لا بالطبع، ثمة شخصية تتطلب مرونة في الجسد والذهن معا ومثل هذه الورشات على الممثل أن يتعلم منها كيفيات الحركة على الخشبة تبعا للدور والتزاما بتوجيهات المخرج”.
وأوضحت “وإلى جوار الشخصية التي يؤديها الممثل هناك ممثل آخر أضاف شيئا من خارج النص، أي أنه ارتجل، فماذا عليك أن تفعل غير أن تتماشى معه وتعيده إلى منطقة الفعل الدرامي كي لا ينكسر إيقاع العمل ويهبط مستوى العرض، لأجل ذلك على الممثلين الاستفادة من مثل هذه الورشات لتعزيز قدراتهم مستقبلا”.
وأشارت إلى أن مشاركتها الشخصية جاءت بهدف “تنشيط الذاكرة الشخصية في مجال التوليف والارتجال وكذلك تنشيط الجسد بل وتشجيعا للممثلين الشباب على المشاركة في مثل هذا النوع من الورش”.
أما الممثل الشاب محمد أبو شعبان من فلسطين فقال “بوصف الارتجال عنصرا ثمينا من عناصر المسرح فأحسب أن ما سنكتسبه كممثلين سيكون ثمينا، حيث أن هذا العنصر هو جزء من شخصية الممثل أيضا فهو يتعلم من خلاله أن يدرك تماما ما يقول كي يشعر المتلقي بصدقية الممثل سواء أكان يحفظ من نص مكتوب أم أنه يرتجل فعليه أن يكون مؤمنا بما يقول من وجهة نظر الشخصية المسرحية وليس من وجهة نظره”.
من جهته قال المشرف على الورشة الرشيد أحمد عيسى “تهدف هذه الورشة التي مدتها خمسة عشر يوما إلى إعداد الممثلين على مستويي التمثيل والتوليف والارتجال وسوف تنتهي بعرض مسرحي ينتمي إلى مسرح الشارع حيث تستهدف هذه التجربة الجمهور الموجود في الساحات والأسواق والمواقف العامة” وأضاف “سيكون ذلك مطلع فبراير المقبل ونعمل الآن على تحديد المواقع التي ستجري فيها العروض” مؤكدا “إننا نتوقع أن يكون هناك دور فاعل للمتفرج الذي هو شرط أساسي لحدوث مثل هذه التجربة التي لها تأثير مباشر عليه حيث أن هذا النوع من المسرح يساهم في التوعية ورفع سوية الوعي الاجتماعي وفي طرح العديد من القضايا الاجتماعية المعقدة التي تؤرق الناس لذلك أتمنى أن يكون لهذه التجربة وَقْع آخر فيذهب المسرح إلى الجمهور في أماكن تواجده ولا يبقى حبيس غرفته”.
وعن طبيعة الاشكاليات التي يواجهها في التعامل مع ممثلين هم في أغلبهم من الهواة قال الرشيد “بالتأكيد هناك إشكاليات كبيرة خاصة أن الممثل المحترف أصلا يعاني ما يعاني في واقع لا يقدر مهنة التمثيل أصلا، أضف إلى ذلك أن الواقع الاجتماعي لا يعطي المسرح حقه في الريادة ولا يعترف بدوره في الحراك الاجتماعي ولذلك يتساوى الممثل المحترف مع الممثل الهاوي لجهة هذا التهميش، لكن في تعاملي مع الهواة أتكئ على خبراتي السابقة الأمر الذي يخفف من مجمل الصعوبات لذلك أستطيع أن أعدهم خلال فترة وجيزة لتقديم مسرحيات قصيرة ذات طابع ارتجالي خفيف وهذا هو جوهر مسرح الشارع الذي يعالج قضايا اجتماعية بقالب كوميدي خفيف”.
وردا على سؤال يتعلق بأن الورشة قصيرة وربما لا يستطيع الممثل أن يكتسب منها سوى إطارها النظري أوضح الرشيد عيسى أحمد أن “الفترة قصيرة لكنها مكثفة ويخضع الممثلون خلالها لتدريبات قاسية وعنيفة لذلك نستعجلهم كثيرا لاستخلاص النتائج وهو أمر خطير أيضا في مهنة التمثيل، لكن نحاول أن نعالج عبر الخبرات المكتسبة أن تكون هناك نتائج مرضية”.
من جانبه أكد أحمد أبو ارحيمة مدير إدارة المسرح بدائرة الثقافة والإعلام بالشارقة أن هذه الورشة هي امتداد لورشات سابقة قامت بإنجازها إدارة المسرح خلال الفترة الماضية من أجل ترسيخ مبدأ العمل المسرحي في أوساط الممثلين الشباب، لذلك هناك خط من التطور في هذه الورشات بدءا من الكتابة المسرحية ثم الإخراج وتنفيذ العمل المسرحي على الخشبة.
وقال “إن فكرة هذه الورشة هي بالأساس جذب الجمهور إلى المسرح وأن نجعل من المسرح حديث المدينة والناس، بالتالي فالمتلقي العادي أو رجل الشارع الذي لا يعرف المسرح سوف يتساءل عما هو هذا المسرح عندما يصل إليه في موقعه”.
وردّا على سؤال حول الكيفية التي يتم من خلالها تقييم نجاح هذه الورشة من تلك قال أحمد بو ارحيمة “لم تأتِ فكرة هذه الورشة اعتباطا، إنها ضرورة، وكذلك الورشات السابقة، تأخذ بيد الشباب من أجل تطوير أدائهم المسرحي فنيا، حيث لا وجود لمعهد متخصص في الفنون المسرحية، وتأتي هذه المسرحيات غالبا بحسب طلبات المسرحيين أنفسهم أو بحسب ما ترتئيه دائرة الثقافة والإعلام ضمن رؤيتها لواقع الفعل المسرحي على الأرض، أي تبعا للحاجة الملحة للمسرحيين، فاستعنا بالنخب من المسرحيين العرب لتنفيذ هذه الورشات”.
المصدر: الشارقة